مخاطر نقص فيتامين "د" على الصحة


كشفت دراسة، خلال المؤتمر السادس عشر للرابطة العربية لجراحة العظام، والمؤتمر الثامن للجمعية الأردنية لجراحة العظام، أن 84 % من المواطنين يعانون من نقصان فيتامين د، وهذا ما أكده أيضا مدير المركز الوطني للسكري الأستاذ د.كامل العجلوني، وأضاف أن 73.7 % من النساء الأردنيات فوق سن 25 عاما يعانين من نقصان فيتامين د.



وهذا ما دفع للبحث والكتابة حول خطورة هذه الظاهرة، التي تشير، للأسف، الى القصور المزمن في البحث العلمي ومدى ترهل مراكز البحث العلمي الموجودة حتى نتفاجأ بهذا الرقم المدهش من نقصان أحد الفيتامينات الأساسية للنفس والأعصاب والجسد، ولم يقف هذا القصور عند نقصان فيتامين د، بل يتزامن مع ما يمكن تسميته متلازمة "ظاهرة نقصان فيتامين د"، وزيادة العقم والأورام الخبيثة في الأردن.

إن المصدر الأساسي لفيتامين "د" هو الشمس، ونحن نعيش في "بلاد الشمس"، لكن التدني الشديد في التعرض المباشر لها سواء باستخدام الأمور الواقية من الشمس، أو طبيعة العمل النهاري داخل المكاتب، والزجاج الملون في السيارات والمنازل، كلها أمور تعد السبب الرئيسي لهذا النقصان.

والأغذية الغنية بهذا الفيتامين، وأكثرها (اللحوم، والأسماك، والبيض، والحليب)، لا تفي وحدها لمتطلبات الجسم اليومية، لذا لا بد من التعرض للشمس مباشرة لمدة 20 دقيقة ثلاث مرات أسبوعيا على الأقل، وأصحاب البشرة الداكنة يحتاجون الى فترة أطول من ذلك بكثير بسبب وجود صبغة (الميلانين) العالية التي تعيق امتصاص أشعة الشمس لتنشيط فيتامين "د 2" الخامل الى فيتامين "د 3" النشط في الجلد.

ومن الثابت علميا أن فيتامين "د" يحمي من الإصابة من مرض ارتفاع سكر الدم، وضغط الدم الشرياني، ومن ارتفاع الكولسترول الضار، والقلب، وهشاشة العظام، والربو، والإصابة بالأورام الخبيثة.

وقد وجد أن إعطاء فيتامين "د" يؤدي الى نقصان الوزن لدى الأشخاص الذين يعانون من البدانة؛ إذ تبين أنهم يعانون من تدني مستواه في الدم، وبالتالي الإصابة بالبدانة، فهناك علاقة طردية بين نقصان فيتامين "د" والبدانة.

الأعراض النفسية

التي يسببها النقص؛ فهي:

1 - الاكتئاب النفسي، والذي لا يستجيب لمضادات الكآبة، ويمتاز بالتعب، والإرهاق وتدني الدافعية والأوجاع العضلية واضطراب النوم، والمزاج المتدني، والعلاج هنا بالتعرض لأشعة الشمس المباشرة مع إعطاء عقار فيتامين "د" والأغذية الغنية بهذا الفيتامين، خصوصا في موسم الشتاء؛ حيث يتلاشى الناس الخروج والتعرض للشمس في البرد، وهو أمر خاطئ.

2 - القلق النفسي: والمتميز بتدني الانتباه والتركيز واضطراب الذاكرة والأرق والتفكير السلبي والمخاوف المتعددة وسهولة الاستفزاز والاستشارة وكثرة الارتباك والضعف الجنسي.

3 - التصلب اللويحي (Multiple sclerosis): وهو مرض خطير على الدماغ والنخاع الشوكي، يؤدي الى تلف الأعصاب، وما تزال الأسباب مبهمة، رغم وجود خلل في المناعة ضد الذات "Auto Immune"؛ فجهاز المناعة يهاجم الخلايا العصبية مؤدياً الى تهتك غلافها "الميلانين"، وهذا ما يحدث أيضا في حالات التهاب الفيروس الدماغي وكذلك الحال في نقصان فيتامين "د"، فقد أفادت تقارير كثيرة أن الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين "د" المزمن يعدون عرضة للإصابة بهذا المرض، وقد يكون سبباً رئيسياً لذلك.

4 - الإصابة بالفصام: تؤكد الدراسات النفسية أن الأشخاص الذين يصابون بالفصام هم الذين يولدون في فصل الشتاء أكثر من الفصول الأخرى بشكل كبير، ويعزو بعض الباحثون ذلك الى أن نقصان فيتامين "د" يكون بسبب قلة التعرض للشمس، وقد يكون ذلك أحد العوامل المهمة مع عوامل أخرى في نشوء هذا المرض، فهو هرمون وسيط ومهم أيضا في تكوين الدماغ، والهرمونات العصبية أثناء مرحلة التطور الجنيني.

5 - فيتامين "د" والإصابة بالانفلونزا: أكدت أبحاث كثيرة ارتباط نقصان فيتامين "د" بالإصابات الفيروسية؛ خصوصا في فصل الشتاء، فالأشخاص المعرضون للإصابات الفيروسية لديهم مستوى منخفض من فيتامين "د"، ومن المعروف أن الإصابات الفيروسية تؤدي الى الكآبة، والمزاج المتوتر المتسم بالقلق والضجر.

فيتامين "د" والحماية

من الأورام الخبيثة

يعمل فيتامين "د" كمصدر للهرمونات الأخرى التي تعمل على تقوية جهاز المناعة، ويجمع العديد من الباحثين على أن فيتامين "د" يقي من السقوط في الأورام الخبيثة الى درجة عالية؛ حيث أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الباردة؛ حيث قلة التعرض للشمس، أكثر إصابة من الذين يعيشون في المناطق الدافئة المشمسة، وأن الأشخاص ذوي البشرة الداكنة أكثر عرضة للإصابة بالأورام بسبب حاجتهم أكثر لامتصاص أشعة الشمس من الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة.

وعليه، فإن أفضل وأسرع معالجة مجانية لهذه الظاهرة المرضية الخطيرة هي التعرض للشمس، وإعادة النظر في واقع البحث العلمي في الأردن والدول العربية التي تعاني من ضآلة التمويل، والكوادر المؤهلة، فمن المحرج أن يكون معدل إنفاق الدول الأخرى على البحث العلمي ضعف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة، فمن إحصاءات العام 2004، تشير منظمة اليونسكو إلى أن الدول العربية مجتمعة قد خصصت للبحث العلمي نسبة (2.6 %) من الناتج القومي الإجمالي.

تعليقات

المشاركات الشائعة